فصل: تفسير الآيات (1- 8):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التيسير في التفسير أو التفسير الكبير المشهور بـ «تفسير القشيري»



.سورة التين:

.تفسير الآيات (1- 5):

{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)}
قوله جلّ ذكره: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}.
أقسم بالتين لما به من عظيم المِنَّةِ على الخَلْقِ حيث لم يجعل فيه النَّوى، وخَلَّصَه من شائب التنغيص، وجعله على مقدار اللُّقْمة لتكمل به اللذََّة. وجعل في {الزيتون} من المنافع مثل الاستصباح والتأدُّم والاصطباغ به.
{وَطُورِ سِينينَ}.
الجبل الذي كَلَّمَ الله موسى عليه. ولموضعِ قَدَمِ الأحباب حُرْمةٌ.
{وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}.
يعني: مكة، ولهذا البلد شرف كبير، فهي بلدُ الحبيب، وفيها البيت؛ ولبيتِ الحبيبِ وبَلَدِ الحبيبِ قَدْرٌ ومنزلة.
قوله جلّ ذكره: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ في أَحْسَنِ تَقْوِيمِ}.
في اعتدال قامتِه، وحُسْنِ تركيب أعضائه. هذا يدل على أنَّ الحقَّ- سبحانه- ليس له صورة ولا هيئة؛ لأن كلَّ صفةٍ اشتراك فيها الخَلْقُ والحقُّ فالمبالغةُ للحقِّ.. كالعلم، فالأعلمُ اللَّهُ، والقدرة: فالأقدَرُ اللَّهُ فلو اشترك الخَلْقُ والخالقُ في التركيب والصورة لكانَ الأحسن في الصورة اللَّهُ..... فلمَّا قال: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. عُلِمَ أَنَّ الحقَّ- سبحانه- مُنَزَّةٌ عن التقويم وعن الصورة.
قوله جلّ ذكره: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}.
أي: إلى أراذل العمر وهو حال الخَرَفِ والهَرَم.
ويقال: {أَسْفَلَ سَافِلِينَ}: إلى النار والهاوية في أقبح صورة؛ فيكون أوَّلُ الآيةِ عامّاً وآخرها خاصًّا بالكفَّار.. كما أنَّ التأويلَ الأولَ- الذي هو حال الهَرَم- خاصُّ في البعض؛ إذ ليس كلُّ الناسِ يبلغون حالَ الهَرَم.

.تفسير الآيات (6- 8):

{إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}
{إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}.
أي: غير منقوص.
ويقال: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} أي: إلى حال الشقاوة والكفر إلاَّ المؤمنين.
قوله جلّ ذكره: {فَمَا يُكَذِّبُِكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}.
أيها الأنسانُ.. مع كل هذا البرهان والبيان؟
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}.

.سورة العلق:

.تفسير الآيات (1- 5):

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}
قوله جلّ ذكره: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ}.
هذه السورة من أَوّلِ ما نَزَل على المصطفى صلى الله عليه وسلم لمّا تعرِّض له جبريل في الهواء، ونَزَلَ عليه فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ}. فالناسُ كُلُّهم مريدون- وهو صلى الله عليه وسلم كان مُرَاداً. فاستقبل الأمر بقوله: «ما أنا بقارئ» فقال له: اقرأ، فقال: «ما أنا بقارئ»، فقال له: اقرأ كما أقول لك؛ {اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ} أي خلقهم على ما هم به.
{خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}.
العَلَق جمع عَلَقَة؛ كشجَرٍ وشجرة.. (والعَلَقَةُ الدمُ الجامد فإذا جرى فهو المسفوح).
{اقْرَاْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ}.
الأكرم: أي الكريم.
ويقال: الأكرم من كلِّ كريم.
{الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
عَلَّمهم ما لم يعلموا: الضروريَّ، والكسبيَّ.

.تفسير الآيات (6- 19):

{كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)}
{كَلآَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنَى}.
أي: يتجاوز جَدَّه إِذا رأى في نفسه أنه استغنى؛ لأنه يَعْمَى عن مواضع افتقاره. ولم يقل: إِن استغنى بل قال: {أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنَى} فإذا لم يكن مُعْجَباً بنفسه، وكان مشاهداً لمحلِّ افتقاره- لم يكن طاغياً.
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}.
أي: الرجوع يوم القيامة.
قوله جلّ ذكره: {أَرَءَيْتَ الذي يَنْهَى عِبْداً إِذَا صَلَّى}.
أليس لو لم يفعل هذا كان خيراً له؟ ففي الآية هذا الإضمار.
{أَرَأَيْتَ إِن كَانَ على الهدى أَوْ أَمَرَ بالتقوى}.
لكان خيراً له؟
{أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَى}. كذَّب بالدِّين. وتولَّى عن الهداية.
قوله جلّ ذكره: {أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}.
أي: ما الذي يستحقُّه مَنْ هذه صفته؟
والتخويفُ برؤية الله تنبيه على المراقبة- ومَنْ لم يَبْلُغْ حالَ المراقبة لم يَرْتَق منه إلى حال المشاهدة.
قوله جلّ ذكره: {كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}.
لَنأخُذَنَّ بناصيته (وهي شَعْرُ مُقَدَّم الرأس) أخْذَ إِذلالٍ. ومعناه لنًسَوِّدَنَّ وَجهْهَ.
وقوله: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} بدلٌ من قوله: {لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ}.
{فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}.
فليدعُ أهلَ نادَيه وأهل مجلسه، وسندعو الزبانيةَ ونأمرهم بإهلاكه.
قوله جلّ ذكره: {كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب}.
أي: اقتربْ من شهود الربوبية بقلبك، وقِفْ على بِساط العبودية بنَفْسك. ويقال: فاسجُدْ بنفسِك، واقترِبْ بسِرِّك.

.سورة القدر:

.تفسير الآيات (1- 5):

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}
قوله جلّ ذكره: {إنَّآ أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ}.
في ليلةٍ قَدَّرَ فيها الرحمةَ لأوليائه، في ليلةٍ يجد فيها العابدون قَدْرَ نفوسِهم، ويشهد فيهَا العارفون قَدْرَ معبودهم.. وشتان بين وجودِ قَدْرٍ وشهودِ قَدْرٍ! فلهؤلاء وجودُ قَدْرٍ ولكن قدر أنفسهم، ولهؤلاء شهود قدرٍ ولكن قدر معبودهم.
{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}.
استفهامٌ على جهة التفخيم لشأن تلك الليلة.
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}.
أي: هي خيرٌ من ألف شهر ليست فيها ليلة القدر. هي ليلةٌ قصيرةٌ على الأحباب لأنهم فيها في مسَامرةٍ وخطاب.. كما قيل:
يا ليلة من ليالي الدهرِ ** قابلت فيها بَدْرَها بِبَدْرِ

ولم تكن عن شَفَقٍ وفَجْرٍ ** حتى تولّت وهي بَكْرُ الدهرِ

قوله جلّ ذكره: {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلاَمٌ هي حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
{وَالرُّوحُ فِيهَا}: قيل جبريل. وقيل: مَلَكُ عظيم.
{بِإِذْنِ رَبِّهِم}: أي بأمر ربهم.
{مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلاَمٌ}: أي مع كل مأمورٍ منهم سلامي عَلَى أوليائي.
{هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}: أي هي باقية إلى أن يطلع الفجر.

.سورة البينة:

.تفسير الآيات (1- 5):

{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)}
قوله جلّ ذكره: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}.
{منفكين}: مُنْتَهين عن كفرهم حتى تأتيهم البيَّنة: وهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي لم يزالوا مجتمعين عَلَى تصديقه؛ لِمَا وَجَدوه في كُتُبهم إلى أنْ بَعَثَه الله تعالى. فلمّا بَعَثَه حسدوه وكفروا.
{رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}.
أي حتى يأتيهم رسول من الله يقرأ كُتُباً مُطَهَّرَةً عن تبديل الكفار.
{فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}: مستوية ليس فيها اعوجاج.
قوله جلّ ذكره: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِِّنَةُ}.
يعني: القرآن.
قوله جلّ ذكره: {وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لَيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}.
{مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي موحِّدين لا يُشرِكون بالله شيئاً؛ فالإخلاصُ أَلاَّ يكونَ شيءٌ من حركاتك وسَكَنَاتك إلاَّ لله.
ويقال: الإخلاصُ تصفيةُ العملِ من الخَلَلِ.
{حنفاء}: مائلين إلى الحقِّ، عادلين عن الباطل.
{وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}: أي دينُ الملَّةِ القيمة، والأمة القيِّمة، والشريعة القيِّمة.

.تفسير الآيات (6- 8):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)}
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ البَرِيَّةِ}.
{خَالِدِينَ فِيهَا}: مقيمين: {الْبَرِيَّةِ}: الخليقة.
{إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}.
أي: خير الخَلْق، وهذا يدل عَلَى أنهم أفضلُ من الملائكة.
قوله جلّ ذكره: {جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً}.
{جَزَآؤُهُمْ}: أي ثوابهم في الآخرة عَلَى طاعاتهم.
{تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}: أي: من تحت أَشجارها الأنهار.
{رَّضىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}.
فلم تَبْقَ لهم مطالبةٌ إلاَّ حَقَّقَها لهم.
{ذَالِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ}.
أي: خافَهُ في الدنيا.
والرضا سرورُ القلب بمرِّ القضَا.
ويقال: هو سكونُ القلبِ تحت جَرَيان الحُكْم.

.سورة الزلزلة:

.تفسير الآيات (1- 8):

{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
قوله جلّ ذكره: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضِ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}.
أي: أموتهَا، وما فيها من الكنوز والدفائن.
{وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا}.
يعني الكافرُ الذي لا يُؤْمِنُ بها أي بالبعث.
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}.
يومئذٍ تُخَبِّر الأرضُ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.
أي: إنما تفعَل ذلك بامر الله.
{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}.
{أَشْتَاتاً}: متفرِّقين. {لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ} ليُحَاسَبوا.
قوله جلّ ذكره: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}.
فيُقَاسي عناءَه.